كل شئ سيتغيّر
ققبل عقود كان من يسافر من مدينته أو قريته الى عمّان كمّن يسافر الى القمر. وكان الاتصال هاتفيا مع مدينة أخرى يتطلب انتظارا في المنزل أو المكتب قد يمتد لساعات. وكان التلفزيون الذي يستقبل بث محطة أو اثنتين فقط حكرا على الأغنياء. وكانت الكتب والمجلات والصحف المصدر الرئيس للمعرفة والثقافة.
في وقتنا الحالي، أصبح السفر الى أي دولة في العالم أمرا معتادا لا يستحق حتى السؤال. وأصبح الاتصال مع أي شخص فيها متاحا بأي لحظة ومن أي مكان وبالمجان تقريبا. واصبحنا نستقبل بث مئات محطات التلفزيون. ومع الانترنت، أصبح العالم بين أيدينا، وأخذ عهد الطباعة الورقية والتواصل الشخصي يتلاشى تدريجيا. وها نحن الآن، ومع القول بأننا نعيش عصر العلم والتكنولوجيا، نعيش لاشعوريا قناعة بأن ما نستخدمه من أدوات واجهزة، وما نتلقاه من خدمات ذات صلة، سيبقى كذلك في السنوات القادمة.
ولكن، وكما لم نكن نتخيّل في العقود الماضية كل ما نراه حولنا الآن، فان معظمنا لا يتخيّل ما ستحمله السنوات القادمة، ولا يصدّقه عند التحدّث عنه. فكم منا من يصدّق أن أبنية وأجهزة المستقبل سترمّم أو تصلح نفسها، بما ينهي عهد كثير من عمال وفنيي الصيانة؟ ومن يصدّق أن ثورة الطابعة ثلاثية الأبعاد ستنهي عهد المصانع والمحلات التجارية؟ وأن أجهزة الكمبيوتر بمختلف أشكالها، ستنتقل الى المتاحف ليكون البديل قلم الكتروني يبادلك الحديث وتضعه في جيبك؟ أو ان السيارات الحالية ستكون محور الحديث عن ذكريات الماضي. وفي عالم الطب، من يصدّق أن تكنولوجيات DNA والخلايا الجذعية والمعدّات المنمنمة بمختلف أشكالها، ستدخل ممارسات الطب الحالي كتب تاريخ الطب؟ وانه حتى عالم المدن المكتظة وشركات الأعمال والسياحة وأنماط الحياة الاجتماعية، ستكون مختلفة بصورة جذرية مع ناطحات السحاب المستقلة بكل شئ، وعالم الرابوطات الذكية، والواقعالاالافتراضيوالتواصل بالأفكار.
ملامح كهذه، وغيرها الكثير مما يختلف جذريا عما نعيشه الآن، هي بعض ما سنراه في السنوات والعقود القليلة القادمة. فماذا أعددنا لها؟