لقداخترعوا كل شيء
بقلم:حيدرمدانات
قبل عقود،كان الناس يستمعون بشغف لحلقات اذاعية فكاهية يقدمها ثنائي مصري: "أبو لمعة"الصعيدي الفهلوي،و"بيجو" الخواجه الساذج. وفي احدى الحلقات كان "أبو لمعة" يشكو لصديقه من أنه كلما أراد اختراع شئ يقول له مسؤول مكتب الإختراعات أن آخرين قد اخترعوه. ويبدو أن حيرة "أبو لمعة" القديمة هذه ستكون مضاعفة الآن لو أنه لا يزال حياً. فالزخم الهائل من المنتجات يجعلنا نكرّر العبارة التقليدية أنه لم يبقى شئ لم يخترعوه.
قبل عقود، كنا نقول ان الإنسان عاش آلاف السنين بنمط حياة واحد تقريباً، لكنه الآن يعيش عالماً مختلفاَ جذرياً مع السيارة والطائرة والهاتف والتلفزيون، والتي وصلنا معها الى قمة الإبداع البشري. وها نحن نكتشف الآن أن ما كنا نقوله مثار للسخرية. وحتى ما نستخدمه الآن من أحدث الأدوات والأجهزة قد يكون مثار سخرية الأجيال القادمة. فالحياة بعد عقود ستكون مختلفة كلية، وبصورة لا يمكن حتى لأفضل العقول الآن تخيّلها، تماماً كما هي أقوال العلماء والمسؤولين التي عرضتها الصفحات السابقة.
والطريف أن علاقة الكثيرين مع الإختراع لا تزال تقتصر على ما يتعاملون به من أدوات وأجهزة، وما هو مثير وطريف جداً من الإنجاز العلمي والتكنولوجي. ولعل المبدعين فقط هم الذين يتابعون ما يحدث في عالم العلم والتكنولوجيا، وهم الذين يعملون للمساهمة فيه، وهم الذين يمكن أن يتوقعوا الجديد، ويتهيأون له.
عن بعض إنجازات هؤلاء المبدعين، من علماء وصناعيين وحتى طلبة، من العالم ومن الأردن، تحدثت صفحات المجلة. وفي ضوء هذه الإنجازات نقول لجيل الشباب: خصصوا بعض الوقت للعلم والتكنولوجيا كما تخصصون الكثير منه لمتابعة أخبار الفن والرياضة والتسلية. عيشوا المستقبل من الآن واستعدوا لنمط الحياة فيه، لتكون حياتكم معه أفضل، ولتستطيعوا المساهمة في تشكيله. واحرصوا أن لا تكونوا سخرية لأولادكم كما هي حال الكثيرين من جيلنا الذين تذهلهم التغيّرات السريعة في نمط الحياة، وتراهم يقفون عاجزين حائرين أمام تكنولوجيات اليوم "المذهلة"، والتي ستكون بعد سنوات تكنولوجيات "متخلفة".