بكتيريا الأمعاء تقول لك ما تأكل
قد يبدو الأمر وكأنه من عالم الخيال العلمي، لكن العلم يشير الى غير ذلك. فبكتيريا أمعاء الانسان، والتي يفوق عددها عدد خلايا جسمه بمئة مرة تقريبا، لها تأثير كبير في رغبته ومزاجه تجاه أنواع الطعام، بحيث يتجه الى تناول ما تحبه هذه البكتيريا، وغالبا ما تكون البدانة والأمراض نتيجة ذلك.
فريق بحث من جامعات يو سي سان فرنسيسكو، وأريزونا ستيت، ونيومكسيكو، نشروا في منتصف شهر آب 8/2014 مقالة في المجلة العلمية BioEssays أوضحوا فيها أن بكتيريا الأمعاء تؤثر في سلوك التغذية عند الانسان، بحيث تدفعه الى اختيار ما يجعلها تنمو أفضل، بدل أن تكون مجرّد متلق لما يتناوله الانسان. ويقول الباحثون، ان أنواع بكتيريا الأمعاء تختلف فيما تحتاجه من غذاء، فبعضها يفضّل الدهون مثلا، وبعضها الآخر يفضّل السكريات. وهذه البكتيريا لا تتنافس فقط مع بعضها على الطعام، أو تحتفظ لنفسها بمكان عيش خاص في بيئتها، أي القناة الهضمية، وانما تمتلك أهدافا محدّدة. ويعتقد الباحثون أنها لتحقيق أهدافها، تطلق جزيئات كيميائية معينة الى الأمعاء. وحيث أن الأمعاء ترتبط بنظام المناعة والغدد الصماء والجهاز العصبي، فان تلك الجزيئات تؤثر في استجابات الانسان الفسيولوجية والسلوكية. ويقترح الباحثون أن هذه البكتيريا تؤثر في اختيار الانسان للطعام بتأثيرها على العصب الحائر، والذي يربط مئة مليون خلية عصبية تمتد من القناة الهضمية الى قاعدة الدماغ. وهكذا، فان البكتيريا تؤثر في سلوك الانسان ومزاجه تجاه الطعام بتغييرها للاشارات العصبية في العصب الحائر، بما يؤثر في مستقبلات التذوّق، وينتج سموما تجعل الانسان يشعر بشعور سئ مثلا، أو يطلق مواد كيميائية تجعل مزاجه جيدا.
ويشير الباحثون الى أن العديد من التجارب التي أجروها على الفئران والانسان، وشملت أنواعا مختلفة من البكتيريا، أكدت صحة ما توصلوا اليه، اذ استطاعوا التحكم بمزاج الفئران والانسان تجاه الطعام عن طريق تغيير كثافة أنواع من البكتيريا في الطعام المقدم لهم. ويقول الباحثون ان استهداف بكتيريا الأمعاء في الدراسات سيؤدي الى نتائج بالغة الأهمية والاثارة في مجال التغذية والوقاية من الأمراض، بما في ذلك البدانة والسكري والسرطان، ومعالجتها.