الرابوط المدخن يكشف أضرار التدخين على الرئتين
الباحثون الذين يدرسون تأثير تدخين السجائر على الرئتين، يعملون جاهدين لإيجاد نموذج واقعي يجرون عليه تجاربهم. فمعظم الحيوانات المستخدمة في التجارب تتنفس فقط عن طريق الأنف، كما يصعب تعريض زراعات الخلايا الى تأثير فعلي للتدخين، ويوجد كثير من التنوع ضمن المتطوعين من البشر للاختبارات، مما يؤثر سلبا في الحصول على نتائج موثوقة.
من هنا اتجه تفكير الباحثين من جامعة هارفارد الى نموذج يدمج بين رابوط يدخن السجائر، وأنسجة الرئة البشرية الموضوعة على رقاقة، بما يمثل بيئة واقعية، ويسمح لهم في نفس الوقت بالتحكم في متغيرات التجارب التي يجرونها.
يتكون الرابوط من حامل سجائر دوار، وكمامة تستنشق الغازات بما يماثل عملية استنشاق رذاذ الدواء، واخراج الهواء ببطء عن طريق الزفير. وقد ضبط الباحثون عمليات الشهيق بحيث تتوافق مع تلك التي عند المدخنين المدمنين. وعملوا على أن يمر دخان السجائر بعد ذلك خلال رقاقة صغيرة مبطنة بخلايا نسيج طلائي بشري للرئة، في الوقت الذي يتم فيه تزويد الرقاقة بالمواد الغذائية اللازمة لاستمرار حياة خلايا الرئة.
الاعضاء على رقاقة توفر للباحثين القدرة على المحاكاة الدقيقة لأجهزة الجسم ككل، وعلى العكس من زراعة الخلايا التقليدية، فانها تجعل نماذج تجاربهم أكثر قربا مما يودون دراسته فعلا.
كوّن الباحثون في تجاربهم رقاقات خلايا من أفراد يتمتعون بصحة جيدة، وآخرين مصابين بمرض الانسداد الرئوي المزمن، الذي يعيق كفاءة عملية التنفس. وقد عرضوا هذه الرقاقات لدخان سجائر من الرابوط، وراقبوا التغيرات التي حدثت. ويقول الباحثون في تقرير نشرته مجلة Cell Systems انهم وجدوا 335 تغيرا مؤثرا في الجينات في خلايا الرئة التي تعرضت لدخان السجائر، بما فيها الجينات التي تساعد في مقاومة الإجهاد. وهي نتائج تؤكد ما كانت دراسات سابقة توصلت اليه عن المدخنين. وقد كانت التأثيرات سريعة، فبعد أن دخن الرابوط 9 سجائر فقط، لاحظ الباحثون حدوث تغيرات في الخلايا تماثل تلك الموجودة لدى المدخنين.
كما عمل الباحثون على ملاحظة حالة أهداب الخلايا، وهي الأهداب المبطنة للجهاز التنفسي التي تزيل البكتيريا والمخاط منه، والتي يرتبط بضعف عملها السعال المعتاد لدى المدخنين. وقد لاحظوا دليلا مؤكدا على ضعف حركة هذه الأهداب بعد التعرض لدخان السجائر، وهذا يعني بالتالي ضعف في قدرتها على تخليص الجهاز التنفسي من المخاط والبكتيريا.
هذا ولم يلاحظ الباحثون أي تأثير للسجائر الالكترونية على سلامة الأهداب وجودة حركتها.