الدواء الزائف
عرف الأطباء الأدوية الزائفة منذ القدم. فمثلا، حتى بدايات القرن العشرين كان الأطباء يستخدمون حبوبا مصنوعة من الطحين، وحقنا تحتوي على الماء فقط، لجعل المرضى الذين لا يعانون من أي مرض حقيقي، لكنهم يصرون على تناول الدواء، يشعرون بتحسّن حالتهم الصحية. وفي القرن الماضي، أجريت كثير من التجارب لتعرّف مدى فاعلية الأدوية الزائفة، وكانت النتائج في بعض الحالات مثيرة. فقد تبين مثلا أن 80% تقريبا من مرضى الاكتئاب يستفيدون من المعالجة بالأدوية الزائفة، في حين لا يستفيد منها مطلقا مرضى السكري. وفي تجربة شملت 60 متطوعا، لتوضيح الفرق بين عقارين أحدهما منشط والآخر مهدئ، جرى اعطاؤهم عشوائيا أحد العقارين. وقد أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين تناولوا المهدئ كان احتمال شعورهم بالنعاس ضعفي الذين تناولوا المنشط. لكن الطريف في الأمر، أن الجميع أعطيوا مادة محايدة لا تحتوي على أي عناصر فاعلة. والفرق الوحيد، أن بعض الحبوب كانت باللون الأزرق الهادئ، وقيل للمتطوعين انها عقار مهدئ، والأخرى كانت باللون الأحمر الفاقع باعتبارها منشطة.
التجارب أظهرت أن للدواء الزائف فاعلية، تكاد تماثل فاعلية الدواء الحقيقي، في حالات الشعور بالألم أو الاكتئاب. وبخاصة في الأعراض المرتبطة بالدماغ والأعصاب. وقد ينجح أحيانا في التخفيف من حدة مشكلات صحية أخرى كالربو. فقد أعطي بعض مرضى الربو أدوات استنشاق كاذبة لا تحتوي على أي مادة فاعلة، ودون علمهم، فكانت استجابتهم جيدة وتوسعت قصباتهم الهوائية كما لو انهم تناولوا دواء حقيقيا. تجارب أخرى أظهرت أن اسلوب تعامل الطبيب مع المريض يعادل في أهميته، وحتى يفوق أحيانا، أهمية الدواء الذي يصفه.