انترنت الأشياء سيكون نموذج الأعمال الأكثر استدامة في الأعوام القادمة
يمثل انترنت الأشياءفي جوهره نموذج أعمال متميزلأنه يؤدي إلى تخفيض العمليات غير المفيدة والمعقدة،ويقدم فوائدأكبر من مصادر أقل حجماً.
من المعروف أن مفهوم الاستدامة يتمحور حول استخلاص الكثير من القليل وهو معتقد راسخ يتحتم على أي عمل السعي لتحقيقه حتى يتمكن من المنافسة والصمود والنجاح في عالم أعمال اليوم ، وهذا المفهوم ينطبق على متجر لبيع الزهور كما ينطبق على المؤسسات الحكومية التي تقدم الخدمات الصحية،وعلى الجميع أن يحظى بتقنية انترنت الأشياء، وجعلهاجزءًلا يتجزأ من نموذج عمله، وذلك لتحقيق الأرباح والاستدامة على حد سواء،لكن الاستدامة كمصطلح لا تحمل معنى واحداً بل عدة معاني يمكن تلخيصها على النحو التالي:
"إن الاستدامة لا تعني إنجاز الأمور بفعالية أكبر أو استعمال مصادر أقل،بل هي القدرةعلى البقاءفي مستقبل يتسم بالتمزق والتغيير"حسب رأي مكغي يونغ، مؤسس ميتروهيرو.
وللتوضيح يمكن القول أن الشيء الوحيد الذي كان عائقاً على الصعيد العالمي أمام تطور واستدامة الأعمال الاعتيادية في القرن الأخير هو الانترنت،ولكن هذا سيتغير لأن انترنت الأشياء هو الانترنت نفسه، لكن مع ميزةالدمج مع كل شيء تقريباً.
لقد حققت ثورة الإنترنت الأولى نتائج مذهلة ففي العام 1990،تم توصيل مليار جهاز إلى الانترنت (معظمهم من الحواسيب)، وخلال العام 2000، قفز الرقم إلى أكثر من ستة مليارات، ويرجع الفضل في ذلك إلى تطوير شبكة الموبايل والأجهزة الذكية.
ووفقاً لبحث أجراه غولدمان ساكس، في السنوات الخمسة القادمة، ستعمل انترنت الأشياء على توصيل أكثر من 28 مليار جهاز عبر الشبكة، وخلال العقد القادم سيتمكن انترنت الأشياء من تشغيل كافة أنواع العمل.
لكن تأثير انترنت الأشياء على الأعمال سيكون هذه المرة بطريقة مختلفة عن ثورة الانترنت الأولى. فعوضاً عن كونها قوة فوضوية، ستكون قوة فعالة ومؤثرة،وأكثر أمر يجب فهمه عن انترنت الأشياء أن هدفها ليس التقنية بحد ذاتها بل إن هدفها هو تسهيل الأمور.
"قيمة انترنت الاشياء ضئيلة للغاية بالنسبة إلى الانترنت أو الأشياء، بيد أن قيمتها الحقيقية تكمن في حصاد وتحليل البيانات التي تخلقها هذه الأشياء،وفي تحويل هذه الرؤى إلى فعل مؤثر"، حسب قول بيير سيمونسن،المسؤول التنفيذي الأول لدى تيلينور كونسيكسيون.
إن القدرةعلى المقارنةوالتفسير والعمل على البيانات هي ما يجعل انترنت الأشياء مفهوماًرئيسياًفي السعي العالمي وراء الاستدامة.
ويتفق نيك بلاندفورد من شركة شنايدر الكتريك مع هذا الرأي فيقول:"ارى أن انترنت الأشياء لا يسهل الوصول إلى الطاقة النظيفة فقط بل يساعد أيضاً في محاربة الفقر، وتطوير أنظمة العناية بالصحة، وزيارة القدرة على إتاحة التعليم".
المعرفة الجيدة تقترن بالطاقة الجيدة:
بما أن انترنت الأشياء هو عبارة عن تقنية تربط آلة بآلة، إلا أنها أيضاً ثورة للإنترنت، حيث أن انترنت الأشياء تأخذ الانترنت من الحاسوب وتطرحها في العالم الحقيقي، وهذا الاندماج للعوالم الفيزيائية والعوالم الشبكية لا يمنح فقط قابلية تحكم أكبر، لكن رؤية أكبر حول كيفية عمل العالم، وبهذا الفهم الجديد، يمكن تحسين الفعالية في جميع نواحي أي عمل، ومن شأن الفعالية المتطورة أن تخفض من كمية الفضلات وتخفيض استهلاك الطاقة والمساعدة على التخلص من الوقت المستنزف، وهي أمور تساوي بمجموعها استدامة أكبر.
وبالنسبة إلى مالك أي عمل متوسط، فإن المفاهيم الإجمالية لإنترنت الأشياء لن تؤثر على عمله اليومي مباشرةً. لكن كثيراً من منتجاتها الأولية بإمكانها أن تسهل الوصول إلى استدامة أقوى، بصرف النظر عن حجم أو قياس العمل.
تركيب الأجهزة الذكية:
يجب على كافة الأعمال أن تستبدل استبدالاً فعالاً كافة معداتها القديمة بأجهزة حديثة توفر الطاقة مثل أجهزة حرارة ذكية، ومصابيح إنارة متصلة، ومقابس ومآخذ ذكية للتقليل من هدر الطاقة.
قد تحمل الإنارة على وجه الخصوص أثراً ضخماً، سيما في ورشات العمل الكبيرة. فبالإمكان تشغيل وإيقاف مصابيح الإنارة تلقائياً في مواعيد مضبوطة مسبقاً، أو جعلها مقرونةً بأجهزة استشعار للبيئة والحركة لكي يتم تفعيلها فقط عند الحاجة. ويتمتع هذا النوع من الإنارة الذكية بإمكانية تقليص انبعاثات الكربون بنسبة صاعقة تزيد عن 70 بالمائة.
لكن أكثر تأثير واعد لإنترنت الأشياء على استهلاك الطاقة في أي مساحة مكتبية هي قدرة الأجهزة المتصلة على التحدث مع بعضها البعض، حيث سيضيف انترنت الاشياء الذكاء على أي عملية يدوية، فبإمكان الستائر المتصلة أن تغلق تلقائياً عندما تستشعر أجهزة قياس الحرارة الذكية أن حرارة الغرفة تزداد نتيجة لأشعة الشمس، وإن استشعرت أجهزة استشعار الحركة الذكية أن الغرفة مشغولة، فإنها ستشرع بسلسلة عملية لكي تعمل على إضاءة المصابيح الذكية.
طوع انترنت الأشياء لعملك:
من الناحية الأساسية فإن انترنت الأشياء هو أجهزة استشعار وأجهزة ذكية تحيط بأي سياق معين، فأجهزة الاستشعار هي أدوات بسيطة وقوية بوسعها أن تنقل أي عمل إلى مستوى جديد من الاستدامة، وبوسع جميع الأعمال الاستفادة من الطاقة التي تخلقها أجهزة الاستشعار هذه، والتي انخفضت أسعارها انخفاضاً كبيراً، بدءاً من تركيب أجهزة استشعار الحركة في غرف الاجتماعات لقياس مدى فعالية استعمالها، وصولاً إلى أجهزة استشعار لتحديد المخزون من كمية البضائع في المستودعات، عندما يتم توصيل أجهزة الاستشعار بأي بضائع للحصول على تحديثات فورية وتعقب في الوقت الحقيقي للبضائع في سلسلة التوريد، ستساعد البيانات المستخلصة من الأعمال في مطابقة معدل العرض والطلب، وستقلل من الحاجة إلى مساحة تخزين، وكمية الفضلات، فضلاً عن خفض الحاجة إلى مواصلات نقل كادر العمل والبضائع.
السعي خلف حلول ذكية
من الواضح أن انترنت الأشياء ثورة عارمة في مجال العمل، وسيشهد العالم تخفيضات هائلة في هذه التكنولوجيا سواءعلى نطاق السعر مقارنة بالحجم، وهذا يعني تمكين أي عمل مهما كان صغيراً من الاستفادة من إنترنت الأشياء ، ويمكن لي عمل أن يقوم بإعداد حلول تقنية من انترنت الأشياء تتلاءم مع احتياجاته بحيث يتم تحويل جميع الأدوات الضرورية الخاصة بالعمل إلى أجهزة متصلة، ويتم ذلك ببساطة عن طريق توصيلها إلى مخرج ذكي واحد.
الخلاصة:
في حين أن التغيرات الصغيرة في الأعمال قد تبدو أنها خطوات غير هامةلايمكن كشفهافي موجة الاستدامة العالمية،ولكن الدراسات أثبتت أن التطبيق العالمي لحلول انترنت الأشياء في مجال الطاقة والمواصلات والزراعة والأبنية والتصنيع وخدمات المستهلك قد تقلل بحلول العام 2020 من انبعاثات غازالدفيئةالعالمية بما يقدر بحوالي 9.1 جيجا طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وذلك وفقاً لبحث مؤسسة كاربون وور روم. وهذا يوازي إجمالي الانبعاثات الحاليةفي الولايات المتحدة والهند مجتمعتين.