الكيمياء تحل لغز الحموض الأمينية في الشيفرة الوراثية
باستخدام طرائق كيمياء الكم توصل علماء من جامعة يوهان غوتنبيرغ في ماينتس / ألمانيا، الى حل أحد الألغاز القديمة في الكيمياء الحيوية. فقد اكتشفوا سبب وجود 20 حمضاً أمينياً تشكل أساس جميع أشكال الحياة على الأرض، بالرغم من أن أول 13 حمض أميني تكونت على الأرض كافية لتكوين جميع أنواع البروتينات الوظيفية المطلوبة للحياة. ويقول العلماء في تقرير نشرته دورية الأكاديمية الوطنية (الأمريكية) للعلوم، ان العامل الحاسم يتمثل في التفاعل الكيميائي الكبير للحموض الأمينية الأحدث وليس تركيبها الجزيئي. كما ان زيادة كميات الأكسجين في الغلاف الجوي حفزت عملية إضافة الحموض الأمينية السبعة التكميلية الى (صندوق أدوات) البروتين.
جميع أشكال الحياة على الأرض تستند الى 20 حمض أميني، يتحكم مركب الوراثة DNA في ترابطها معاً بتسلسلات محددة لتكوين بروتين معين. وعلى مدى العقود الماضية كان العلماء يتساءلون عن سبب تحديد هذا الرقم من الحموض الأمينية لتكوين أشكال الحياة المختلفة. وكانوا يتساءلون عن سبب إضافة السبعة حموض أمينية الأحدث الى (صندوق أدوات) البروتين، علما بأن وجود أل 10 – 13 حمض أميني الأقدم كان كافيا.
في دراستهم، قارن العلماء كيمياء الكم لجميع الحموض الأمينية المستخدمة من قبل الحياة على الأرض، مع كيمياء الكم للحموض الأمينية التي جلبت من الفضاء مع النيازك، وكذلك مع الجزيئات الحيوية المرجعية الحديثة. وقد وجدوا أن الحموض الأمينية الأحدث أصبحت أكثر ليونة، أي أكثر قابلية للتفاعل أو عرضة للتغيّرات الكيميائية. ويقول العلماء ان الانتقال من الكيمياء الجامدة في الفضاء الى الكيمياء الحيوية الخاصة بعالمنا اليوم تميّز بزيادة الليونة وبالتالي تعزيز تفاعلية هذه الوحدات البنائية. وقد تمكن العلماء من التحقق من نتائج حساباتهم النظرية هذه من خلال تجارب بيوكيميائية.
الجوانب الوظيفية يجب أن تلعب أيضاً دوراً مهماً فيما يتعلق بالحموض الأمينية الأحدث، إذ أن هذه الحموض لا تكاد تظهر ميزات خاصة فيما يتعلق ببناء جزيئات البروتينات. وهكذا يتساءل العلماء عن سبب إضافة هذه الحموض الى (صندوق أدوات) البروتين. إعتماداً على نتائج الدراسة إستنتج العلماء أن بعض الحموض الجديدة على الأقل، بخاصة ميثيونين وتربتوفان وسيلينوسستين أضيفت نتيجة لارتفاع مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي. فهذا الأكسجين يحفز تشكل الجذور الحرة السامة، والتي تعرّض الخلايا والكائنات الحية للاجهاد التأكسدي الكبير. وقد خضعت الحموض الجديدة لتفاعلات كيميائية مع الجذور الحرة، وكنستها بطريقة فاعلة. وهكذا، فان الحموض الأمينية الجديدة القابلة للاصلاح توفر حماية لهياكل البروتينات من أضرار الأكسجين. وعلى حد قول العلماء، فان الأكسجين عمل كالمؤلف الذي يضيف اللمسة الأخيرة للشيفرة الوراثية.