واقترب عصر المواد الذكية
عندما يتضرر جسم كثير من الكائنات الحية، فانه يجدد نفسه أو يجدد الأجزاء التي تعرضت للأذى، لكن عندما تتضرر الأجسام غير الحية، فانها نتيجة عدم امتلاكها لهذه القدرة، تفقد وظيفتها ويلقى بها مع المهملات أو يعاد تدويرها. من هنا جاء علماء من معهد بيكمان الأمريكي للعلوم والتكنولوجيا المتقدمة ليغيروا هذا الواقع.
فعلى مدى 15 سنة، عمل ثلاثة من كبار علماء المعهد لإيجاد مواد صناعية قادرة على التفاعل مع البيئة وتجديد نفسها عند التعرض لأي تلف أو ضرر، وقادرة على تحطيم نفسها عندما تفقد وظيفتها. والعلماء الذين نشروا حتى الآن مئات الأوراق البحثية في هذا المجال، يقولون في دراسة حديثة نشرت في مجلة Nature أنهم يركزون في عملهم حاليا على الكبسولات المنمنمة صغيرة الحجم المليئة بسائل، والتي يمكن الاستفادة منها في مختلف المعدات والأجهزة. وهذه الكبسولات تحتوي على عامل معالجة يتحرر ذاتيا عند تعرض الكبسولة لتغيّر بيئي محدد، مثل تلف بنيوي أو حرارة مرتفعة جدا.
ومع تطوير العلماء على مدى السنين لمواد كيميائية جديدة وطرائق جديدة لدمج هذه الكبسولات، فقد توصلوا الى ابتكار بوليميرات قادرة على أداء كثير من الأعمال، مثل ملء الثقوب والخدوش، وتغليف الأجسام للحماية الذاتية، وتغيير اللون عند التعرض لضغط، وإعادة لحم الكسور والشقوق، وإعادة الموصلية الكهربائية. كما طوروا طريقة لنسج شبكات داخل البوليميرات، تتضمن العديد من القنوات، وتكون قادرة على إطلاق عوامل المعالجة مرات عدة، وتغيير درجة الحرارة، أو الخصائص المغنطيسية، وتسهيل عملية تفاعل البوليمير مع المواد الأخرى.
أما أحدث انجاز لهؤلاء العلماء، فقد جاء في اكساب الأجسام القدرة على تحطيم نفسها عند فقدانها لوظيفتها. ويشار الى أن البوليميرات ذاتية السلوك والعمل يتزايد استخدامها في الحياة العملية حاليا، ومن ذلك إنتاج محافظ الهواتف الخلوية المقاومة للتلف، وأنواع الطلاء القادرة ذاتيا على معالجة الخدوش والتشققات.
ويقول العلماء ان المستقبل القريب سيشهد ولادة عهد المواد الذكية القادرة على العمل ذاتيا ومعالجة نفسها وتمييز الوقت الذي تصبح فيه عديمة الفائدة، إضافة طبعاً للخصائص الأخرى المهمة مثل الديمومة والكفاءة في العمل والاستهلاك القليل للطاقة وانتاج فضلات أقل والصداقة للبيئة بمختلف أشكالها.