هل يوجد مستقبل للتجميد البشري؟
في أوائل الستينات من القرن العشرين، طور مجموعة من الباحثين مفهوم تجميد جسم الانسان لحظة توقف قلبه عن العمل على أمل إنعاش الانسان ثانية عند توصل العلم إلى علاج للمرض الذي تسبب بذلك. وقد جرى تطبيق هذه التقنية لأول مرة قبل 50 سنة، في 12 كانون ثاني - ديسمبر، حين عمل فريق طبي على تجميد جسم أستاذ علم النفس المتقاعد من جامعة كاليفورنيا جيمس بدفورد بعد ساعات قليلة من توقف قلبه بسرطان كبد انتشر إلى رئتيه. وبعد أيام قليلة وضع الأطباء الجسم في وعاء معزول محاطاً بالثلج الجاف، ثم غمر بالنتروجين السائل في وعاء كبير. وبعد 50 سنة يوجد جسده محفوظاً في مؤسسة Alkor Life Extension. وبالرغم من أن التقنية التي اتبعت في عملية تجميد جسمه ليست بمستوى التقنيات المتبعة حالياً، الا ان تقييماً بصرياً للجسم أجري في سنة 1991م أظهر سلامة التجميد وعدم وجود أية دلائل على تحلل فيه.
على مدى السنوات التي تلت، جرت تحسينات كثيرة على تقنية التجميد هذه، بما في ذلك إعادة النظر في المفهوم ككل، اذ يرى البعض أنه بدلا من تجميد جسم الإنسان ككل، يجدر التركيز على تقنيات حفظ ذاكرة الإنسان، ليمكن مثلاً دمجها في رابوط. وتبعاً لما نشرته مجلة Technology Review بمناسبة مرور 50 سنة على ما يسمى "يوم بدفورد"، فإن العديد من العلماء ينتقدون عمليات تجميد الإنسان هذه. كما تواجه هذه العمليات انتقاداً ورفضاً من الكثيرين، بمن فيهم عائلة بدفورد نفسه التي توجهت الى القضاء لنقض قرار بدفورد تجميد نفسه، والأمر نفسه تكرر مع آخرين.
وتقول مؤسسة ألكور انه اذا تمت عملية التجميد كما يجب، فلا يمكن القول بأنها لن تنجح. وان الأكثر أهمية في الأمر بقاء المعلومات محفوظة في الدماغ. وهذا يتطلب بالطبع تجميد خلايا الدماغ العصبية قبل تحللها نتيجة توقف القلب عن العمل. ويشار إلى أن الجدل الدائر حول هذا الموضوع، لم يؤثر في توجه البعض الى تجميد أنفسهم. فعلى مستوى العالم يوجد حالياً 250 شخص في حالة تجميد، بكلفة 28 ألف دولار للشخص الواحد في الولايات المتحدة. وفي روسيا، وهي البلد الآخر الوحيد الذي يقدم هذه الخدمة، تقدم شركة KrioRus عرضاً للحفظ يبدأ من 12 ألف دولار، وهي تعمل على حفظ عدة أجسام معاً في وعاء واحد.
على أية حال، وبالرغم من التطور الكبير الذي شهدته تقنية التجميد عبر السنوات، الا أن العلماء يقولون اننا لا نزال بعيدين عن تحقيق نتائج ناجحة، وأن الأمر قد يتطلب من 50 الى 100 سنة من الآن.