هل يعرف العلماء أسرار فوائد الثوم؟
منذ آلاف السنين استخدم الانسان الثوم في علاج الأمراض. ويتفق الباحثون اليوم بأن الثوم يمكن أن يقلل من خطر الاصابة بأنواع معينة من السرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض السكري من النوع الثاني. باحثون من المملكة المتحدة يجادلوا في تقرير نشرته مجلة Trends in Pharmacological Sciences بأن تفسير آلية تأثير الثوم على صحة الانسان بدقة، والحصول على نتائج محددة من التجارب السريرية، هو أكثر تعقيداً، بسبب المجموعة الكبيرة من المركبات التي ينتجها الثوم.
ويقول الباحثون ان النكهة الفريدة للثوم تأتي من مركبات الكبريت. يمتص النبات الكبريتات من التربة، ويدمجها مع الحموض الأمينية وجزيئات تخزين الكبريت. وهذه الجزيئات يمكن أن تتحطم الى حوالى 50 مركباً مختلفاً تحتوي على الكبريت عند تحضير الثوم وأكله. ويقولوا ان هذه الجزيئات تعطي للنباتات ميزة بيئية عندما تنمو في التربة. وهي نشطة بيولوجيا في خلايا وأنسجة الثدييات. وقد درست هذه المركبات جيداً. وتشير الأبحاث الى أهميتها في التأثيرات الصحية التي يشتهر بها الثوم. لكن فهم كيفية حدوث هذه التأثيرات هو أقل وضوحاً. ومع ذلك، يعود ذلك جزئياً الى كيفية إعداد الثوم الذي يؤثر على المركبات الكبريتية هذه. فرم الثوم الطازج، وتخمير الثوم في الكحول، والضغط على الثوم للحصول على الزيت، طرائق تنتج مركبات كبريت مختلفة. ولهذه الأشكال تأثيرات مختلفة في أجهزة الثدييات، مما يجعل البحث فيها معقد جداً، إذ من غير المفهوم كيف يتم أيض هذه المركبات في الجسم. ومن الصعب تحديد آليات عمل مشتركة لهذه الجزيئات.
بالرغم من عدم وجود طريقة صحيحة أو خاطئة لاعداد الثوم، الا أن هذا القدر من الكيمياء الحيوية للثوم يمكن أن يفسّر سبب اعطاء نتائج الدراسات على تأثير الثوم على الانسان نتائج مختلطة. عندما يتعلق الأمر بالدراسات على الانسان، يظهر كثير من التباين. أحياناً يكون لاستهلاك هذه المركبات والتعرض لها تأثيرات بيولوجية، وفي أحيان أخرى لا يكون هناك أي تأثير. لذا يرى الباحثون أن هناك حاجة لكثير من البحث في هذا المجال بسبب تعقيد هذا التنوع الكبير من أنواع المركبات، والتنوع المختلف لها بين منتجات الثوم المختلفة.
يهتم الباحثون بصورة خاصة بكيفية تأثير مركبات الكبريت على جزيئات الاشارة الغازية، مثل أكسيد النتريك وكبريتيد الهيدروجين، التي ينتجها الجسم بصورة طبيعية. تلعب جزيئات الاشارة الغازية دوراً مهماً في تواصل الخلايا مع بعضها والحفاظ على الاتزان الداخلي في الجسم. والمستويات المتغيّرة منها لوحظت في العديد من الأمراض. ربطت الأبحاث الحديثة في المختبر أنواع مركبات الكبريت التي نحصل عليها من الثوم، مع زيادة انتاج هذه الجزيئات، بما يقترح أن هذه قد تكون الآلية المشتركة التي تؤثر بها مركبات الكبريت المختلفة في جسم الانسان. ويقول الباحثون انه قد يمكن مستقبلاً تحديد نباتات أخرى تحفز انتاج هذه الغازات، أو تعديل الثوم والبصل وغيرها من النباتات المماثلة لتكون أكثر كفاءة في انتاج هذه الجزيئات بمجرد هضمها. ويقولوا ان هناك امكانية كبرى في هذا المجال لايجاد نهج يمكن أن يقلل من خطر الاصابة بالأمراض وتحسين صحة الانسان. لكن كل ذلك مرتبط بالأسئلة الأساسية لما يحدث بالفعل لهذه المركبات عندما يتم أيضها في الجسم. ويشير الباحثون الى أنه من الضروري تذكر أن الثوم ليس نوعاً من الرصاص السحري، فلا يوجد نبات يمثل علاجاً للأمراض جميعها، لكن هناك بالتأكيد أنواعا نباتية لها علاقة بالحد من خطر الأمراض على الانسان، وفهم كيمياء بعض هذه الأنواع له فائدة كبرى للانسان.