هل اصبح بإمكانك امتلاك قمرك الاصطناعي الشخصي
جرت العادة أن تكون الأقمار الاصطناعية أدوات اللعب الخاصة للحكومات الغنية والشركات الثرية، لكن وبما أن الفضاء أصبحت قسمته أكثر عدلاً وديمقراطية، فهذه التقنيات المعقدة أصبحت وبشكل متزايد في متناول الأشخاص العاديين. وكما هي حال الطائرات الصغيرة بدون طيار التي سبقتها، فإن الأقمار الاصطناعية المصغرة سوف تبدأ بتحويل مفاهيمنا عن من يتحرك فوق رؤوسنا تحويلاً جوهرياً.
وفقاً لما أظهره تقرير من الأكاديمية الوطنية للعلوم مؤخراً، تتمتع هذه الأقمار الاصطناعية بإمكانيات هائلة لجعل العلوم القائمة على الأقمار الاصطناعية أمراً متاحاً بشكل أكبر من أي وقت مضى. وبما أن تكلفة الحصول على قمرك الاصطناعي الخاص بك في المدار الفضائي تتناقص، إلا أن مخاطر التصرفات اللامسؤولة تتزايد.
والسؤال هاهنا سيتوقف عن كونه (هل بإمكاننا؟) وسيصبح (هل يجب علينا؟) ما هي الجوانب السلبية المحتملة لوجود شريحة من الفضاء تعج بالأدوات التي صنعها البشر والذين لم تجري العادة على إطلاق اسم (خبراء) عليهم؟ وكيف سيبدو الشكل المسؤول والمفيد لتطوير هذه التقنية واستعمالها؟
قد نحصل على بعض الإجابات من منظمة غير ربحية تبني الأقمار الاصطناعية غير التخصصية وتطلقها لمدة 50 سنة تقريباً.
التكنولوجيا التي نتحدث عنها:
إن امتلاكك لقمرك الاصطناعي الخاص بك وإطلاقه في المدار قد يبدو واحدة من الأفكار التي نسمع عنها في قصص الخيال العلمي، لكن في العقود القليلة الماضية أُنشئت فئة فريدة من نوعها من الأقمار الاصطناعية التي حققت ذلك (القمر الاصطناعي المكعب كيوب ساتس CubeSats).
وتُشير كلمة (كيوب) في هذا السياق ببساطة إلى شكل القمر الاصطناعي الذي يتخذ شكل المكعب، أما أكثر قمر اصطناعي مشهور من كيوب سات فهو (ما يُطلق عليه اسم القمر الاصطناعي (1يو 1U)، وهو مكعب بحجم 10 سم تقريباً (حوالي 4 إنشات)، أي أن حجمه صغير للغاية لدرجة أنك قد يتشابه عليك بينه وبين إحدى القطع المكتبية الموجودة على مكتبك. وبوسع هذه الأقمار الاصطناعية الصغيرة والمعدلة أن تعمل في مركبة الإطلاق المعروفة فيما مضى باسم "ويستد سبيس". وبإمكان توظيف عدد منها ليعملوا ضمن تركيبة معينة لأداء مهام أكثر تعقيداً لا يُمكن لواحد من أقمار كيوب سات أن يؤديها لوحده.
ومن خلال أجسامها المضغوطة بإمكان هذه الأقمار الاصطناعية الصغيرة أن تكون ملاذاً لأجهزة الاستشعار والاتصال والمرسلات والمستقبلات التي تُمكن المشغلين من دراسة الأرض عبر الفضاء بالإضافة إلى المنطقة المحيطة بالأرض.
ومن ناحية اخرى فإن هذه الأقمار الصغيرة مخصصة بشكل أساسي للمدار المنخفض حول الأرض، وهي منطقة من الفضاء يسهل الوصول إليها وتبعد حوالي 200 إلى 800 ميل عن سطح الأرض، حيث تنشط مهام يقوم بها حالياً العلماء والمؤسسات المتخصصة مثل تلسكوب هابل الفضائي ومحطة الفضاء الدولية. بيد أن بوسع هذه الأقمار الولوج إلى مدارات أبعد، وتُخطط ناسا للتخفيف من حمولاتها الأرضية (لتصل إلى القمر والمريخ على وجه الخصوص) لكي تحمل القمر الاصطناعي كيوب ساتس.
وبفضل حجمها الصغير ووزنها الخفيف، فإن إرسال الأقمار الاصطناعية كيوب سات إلى مدار الأرض أرخص بكثير من قمر الاتصالات الاصطناعي التقليدي أو قمر نظام تحديد المواقع عالمياً GPS. وعلى سبيل المثال ادعت مجموعة بحثية في جامعة ولاية اريزونا مؤخراً أن تطويرها لقمر فيمتوساتس (على وجه التحديد القمر الاصطناعي كيوبساتس الصغير) سيكلف 3.000 دولار أمريكي فقط لكي ينطلق في المدار. من شأن هذا الانخفاض في التكلفة أن يُمكن الباحثين والهاوين حتى مجموعات المدارس الابتدائية من وضع أدوات بسيطة في مدار الأرض المنخفض من خلال تركيبها على أكتاف منصات إطلاق الصواريخ أو من خلال تشغيلها عبر محطة الفضاء الدولية.
وقد صُنع القمر الاصطناعي كيوب سات الأول مع بداية العام 2000 لتمكين الطلاب المتخرجين من جامعتي كاليفورنيا التطبيقية وستانفورد من تصميم وبناء واختبار وتشغيل مركبة فضائية تتمتع بإمكانيات مماثلة لتلك التي يملكها القمر الاصطناعي سبوتنيك التابع لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية.
ومنذ ذلك الحين يعمل مكتب الاستطلاع الوطني وحتى شركة بوينغ على إطلاق جميع الأقمار الاصطناعية كيوبساتس وتشغيلها. وفي الوقت الراهن هناك أكثر من 130 قمراً اصطناعياً منها يسبحون في المدار. كما أن إطلاق ناسا لبرنامج القمر الاصطناعي الصغير (ELaNa) لأغراض تعليمية، والذي يُمكن من عمليات إطلاق مجانية للمجموعات التعليمية والبعثات العلمية، متاح الآن للمؤسسات الأمريكية غير الربحية على حد سواء.