مستقبل الصحة مع أبحاث الجينوم
هل تساعد أبحاث الجينوم البشري في الرعاية الصحية الشخصية؟
أعلن عن انجاز مشروع الجينوم البشري بحلول عام 2001م، مما حفز عددا كبيرا من البحوث ذات الصلة. تمهد ابحاث جينوم الكائنات الحية الدقيقة الطريق لدراسات تفاعل الممرض / المضيف. ومن شأن المعرفة في هذا المجال أن تعزز الممارسة السريرية والصحية العامة من خلال فهم الاستعداد للمرض وتحديد التدخلات العلاجية والوقائية. وفي ضوء الأدلة الدامغة عن دور علم الوراثة في العديد من السمات والأمراض، ركزت كثير من الدراسات على تحديد هذا الدور. وقد أثبتت الدراسات هذا التأثير على أمراض مثل: مستويات الغلوكوز والكولسترول، وضغط الدم، وأنواع مختلفة من السرطان، وأمراض القلب التاجية، والأمراض العقلية، والتهاب الأمعاء، وغيرها. الحماس حول ذلك حفز الشركات لتقديم خدمات الاختبارات مع الترويج المباشر للمستهلك. لكن عرفت الآن قيود كبيرة في هذا النهج. فهناك حاجة الى معايير احصائية صارمة لتقليل احتمالية الارتباطات الايجابية الخاطئة. فالواقع أن جينات البروتين التي يبلغ عددها نحو 20 ألف جين تشكل 1.5% من تسلسل الجينوم. ويعد ربط المتغيّرات الجينومية بجينات ترميز البروتين قريبة من المضاربة، بما يجعل من التنبوء بالتأثيرات الوظيفية للتنوع غير مؤكدة الى حد بعيد. وتمثل المتغيّرات الجينومية المرتبطة بالسكري أقل من 10% من حالات الاصابة بالمرض. وهكذا فان نتائج الاختبارات ليست أساسا كافيا للطب التنبؤي.
تكلفة تحديد التسلسل الجيني انخفضت من ثلاثة مليارات دولار الى نحو عشرة آلاف دولار لتحديد تسلسل جينوم الفرد بأحدث التقنيات، وقد تصل الى ألف دولار في السنوات القليلة القادمة. لذا يعتقد أن الكثير من التباين غير المفسّر سيتم تفسيره من خلال عوامل الخطر البيئية والسلوكية غير الطبيعية التي تتفاعل مع التباين الوراثي لتعرّف مدى خطورة المرض وشدته. وتشير الدراسات الى أن تنظيم التعبير عن الجينات على شكل بروتينات يتم بتفاعل بروتينات وجزيئات من الحمض النووي الرايبوزي مع الحمض النووي وبروتينات هستون في الكروموسومات. يواجه العلماء صعوبة في تحليل البروتينات لأنها تخضع لتعديلات كيميائية عديدة تولد عددا كبيرا من أشكال مختلفة من البروتين مع وجود اختلافات كبيرة في الوظيفة. قد يكون هناك ما يصل الى مليون شكل من البروتين المتولدة من أل 20000 من الجينات. لذا هناك حاجة الى تقنيات جديدة وطرائق حسابية فاعلة للتحليلات متعددة الأبعاد. ان تشخيص الاضطرابات النادرة عادة ما يكون ناجحا جدا، لكن تشخيص الأمراض الشائعة أصعب بكثير. وبالتالي فان فهمها يتطلب مراجعة كبيرة لطرائق البحث وعمليات تطوير الدواء.
يختلف المرضى بشكل ملحوظ في استجاباتهم لمعظم الأدوية، الا أن تطوير الأدوية ووصفات الأطباء لا تزال مصممة عموما للمريض العادي. يتطلع العلماء الى أن يكون الجينوم والبروتينات في نهاية المطاف مهمة في الكشف عن الآثار المضرة للعقاقير والمكملات الغذائية لدى الأفراد المعرضين للتحسس مثلا. احدى أكبر التحديات التي تواجه الفوائد الطبية والعامة للجينومات تتمثل في اكتشاف التباين في عوامل الخطر البيئية والسلوكية غير المرضية للأمراض، واكتشاف تفاعلات الجينات والبيئة. تشمل عوامل البيئة الالتهابات والنظام الغذائي والاجهاد والنشاط البدني والملوثات والمبيدات الحشرية والاشعاع والضوضاء والأدوية العشبية والتدخين والكحول وغيرها من الأدوية الموصوفة وغير الموصوفة. ومثل هذه التعرضات قد تتسبب في حدوث طفرات في الجينات وتعديلات في البروتينات الموروثة. وقد تؤثر هذه المتغيّرات أيضا على الاستجابة للعلاج.
الرعاية الصحية الشخصية:
مع اجراء البحوث اللازمة من جميع الأنواع، ومع الشراكات الفاعلة بين الوكالات، يمكن توقع ظهور الفوائد الآتية في المستقبل القريب:
- توسع هائل في المعلومات المتعلقة بالبيولوجيا الجزيئية المعقدة للعديد من الأمراض الشائعة بكلفة تصل الى ألف دولار لتحديد التسلسل الجيني البشري للفرد.
- اختبارات التوقيع الجزيئي للجينات للعديد من الأمراض.
- أنظمة/ مسارات/ شبكات قواعد لبعض الأدوية الجديدة.