ماذا يحدث للجسم عند البكاء؟
سواء كان سببه مشاهدة الأفلام المحزنة أو لم الشمل المبهج أو الرضوض المؤلمة أو الحساسية، يبدو أن البكاء يفيد في العديد من الغايات، فتشعر بالتحسن حين يفيض سائل ملحي من العين.
بالرغم من أن للحيوانات الأخرى دموعاً، إلا أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي تحرك المشاعر عينيه الدامعتين ومع ذلك فإن البكاء، حسب رأي تشارلز داروين أبو نظرية النشوء، لا هدف له. بعد ما يقارب من 150 عاماً مازال البكاء أحد أسرار الجسم الأكثر غموضاً.
أنواع الدموع:
ربما تبدو متماثلة وهي تفيض من العين، ولكن لها ثلاثة أنواع مختلفة حسب دراسة الأكاديمية الأميركية لطب العيون:
- الدموع الأساسية: وهي الموجودة في العين بشكل دائم لتقيها من الجفاف ولحماية القرنية، كما أنها بمثابة الدرع الواقي للعين من الأوساخ والشوائب. تفرز العين حوالي 5-10 أونصة من الدموع الأساسية يومياً.
- دموع المنعكسات: وهي التي تتنبه حين تتعرض العين لمواد مهيجة كالدخان والغبار ورائحة البصل ولابد من غسلها. تفرز العين دموع المنعكسات بكميات كبيرة لتنظيفها من تلك المواد المهيجة، وقد تحتوي الدموع من هذا النوع على أجسام مضادة للمساعدة في مقاومة البكتيريا الموجودة في تلك المواد.
- دموع المشاعر: تفيض تلك الدموع عندما تغلبنا كل أنواع المشاعر من الفرح والحزن إلى الخوف والتوتر، ويعتقد بعض العلماء أن دموع المشاعر تحتوي على هرمونات وبروتينات لا توجد في الأنواع الأخرى من الدموع.
فوائد البكاء:
ولكن بعد معرفة الغاية الفيزيولوجية للدموع الأساسية ودموع المنعكسات، يبدو أن لدموع المشاعر العديد من الفوائد:
- لفت الانتباه: يبكي الطفل لإعلامنا أنه بحاجة لأمر ما وليلفت انتباه الآخرين، فهي طريقته في التعبير عن جوعه ونعاسه وعدم إحساسه بالراحة بسبب غياب الكلمات في تلك المرحلة. يبكي الصبية والبنات بنفس المقدار، ولكن الدراسات تشير الى ان النساء ومع التقدم في العمر اكثر بكاء من الرجال.
- تهدئة التوتر: يعتقد بعض الباحثين أن البكاء يطلق هرمونات التوتر والمواد السامة الأخرى التي تتجمع أثناء التوتر. إن كبت الدموع والمشاعر يصبح ضاراً مع مرور الوقت، وتبين بعض الدراسات أن كبح الدموع يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، في حين تبين دراسات أخرى أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض كالقرحة والتهاب القولون يميلون للبكاء أقل من الأشخاص غير المصابين بتلك الأمراض. كما وجدت دراسة أجرتها جامعة كوينزلاند أن البكاء قد يساعد في تنظيم عملية التنفس أثناء المواقف العصيبة.
- الروابط الاجتماعية: وجدت بعض الدراسات أن دموع المشاعر يمكن أن تقوي العلاقات، إذ أن الدموع بسبب الرؤية المشوشة تخفض حالة الدفاع وتعمل كمؤشر على الاستسلام مما يقرب الناس من بعضهم البعض، ويرى علماء السلوكيات أنه في فترة ما من تطور النشوء أصبحت الدموع مظهراً يؤدي للتعاطف والشفقة، وفي الواقع فإن القدرة على البكاء للتأثير المشاعر وكذلك القدرة على التفاعل مع هذا الموقف هما جزء أساسي وهام من الطبيعة البشرية.
- التلاعب: يتعلم الطفل من عمر تسعة أشهر أن بإمكانه الحصول على ما يريد عن طريق البكاء، وهذه بداية ما يسميه الخبراء بالبكاء المخادع، وقد يستمر هذا الأمر إلى فترة الرشد عند بعض الأشخاص. فنحن نتعلم في وقت مبكر أن للبكاء ذلك التأثير القوي على الآخرين، إذ أنه يبطل مفعول الغضب بشدة، ولهذا السبب نرى البعض يبكون أثناء الجدال حين يشعرون بالذنب ويرغبون أن تتم مسامحتهم.