سامسونج تتعهد بتقديم أكثر من 100 مليون دولار لتحويل حلم إنترنت الأشياء إلى حقيقة
قطع الرئيس التنفيذي لشركة سامسونج بي كي يون عهداً على نفسه بتخصيص ما يزيد عن 100 مليون دولار بهدف توفير الأموال اللازمة للمطورين وإنشاء نظام مفتوح لإطلاق ثورة إنترنت الأشياء.
ونجحت شركة سامسونج ببيع 665 مليون جهاز خلال العام المنصرم، جُلّها مزود بخدمة الوصول إلى شبكة الإنترنت، ومع ذلك تعهد يون بالعمل على تحقيق الوصول إلى نظام إنترنت الأشياء الصديق للبيئة عبر 90% من الأجهزة بحلول عام 2017، و 100% في غضون خمسة أعوام.
وقال يون في كلمته الافتتاحية التي ألقاها خلال معرض الالكترونيات الاستهلاكية في لاس فيجاس يوم 5 يناير 2015، وطرح رؤية سامسونج لمستقبل إنترنت الأشياء: "تناهى إلى أسمعانا أن الناس يرغبون بإنشاء نظام تشغيل واحد لإنترنت الأشياء، لكن هؤلاء يعملون فقط على أجهزتهم الخاصة، ونحن بدورنا لا نضمن استفادة الجميع من ميزات إنترنت الأشياء إلا عندما تتمكن أجهزة الاستشعارمن الإتصال مع بعضها البعض،" وأردف قائلاً: "أعدكم بأن أجهزة ومنتجات إنترنت الأشياء ستكون مفتوحة، وسنعمل جاهدين لنضمن وصول الآخرين إلى أجهزتنا بسهولة."
وأضاف "لم يعد إنترنت الأشياء مجرد حلم بعد الآن، بل هو تعبير عصري يصف في الأساس بيئة تتصل من خلالها الأجهزة الصامتة مع بعضها البعض بشكل ذكي عبر الإنترنت، ستصبح سلال رمي المهملات وأجهزة تحميص الخبز وكذلك الطرق والمصابيح قادرة على التخاطر مع بعضها البعض لتحقيق مستويات أفضل من المراقبة والتحكم.
فمثلاً سيصبح بوسع أي سلة مهملات إبلاغ عامل النظافة أنها ممتلئة وبحاجة إلى التخلص من المهملات بدلاً من الانتظار إلى حين ميعاد جمع وتفريغ سلال المهملات ، كما ستستطيع الثلاجة أن تكتشف نفاذ الحليب من على الرفوف بداخلها لتطلب احضار عبوات حليب جديدة ، أما نظام التدفئة المركزي فسيكون قادراً على تعقب صاحبه والعمل فقط حينما يكون الأخير عائداً في طريقه إلى المنزل.
في المقابل، وعد القائمون على إنشاء نظام إنترنت الأشياء بالكثير والكثير للسنين القادمة، لكن شركة جارتنر أجرت بحثاً مؤخراً خلصت من خلاله إلى أن هذا النظام من أكثر التقنيات التي أُعطيت أكثر من حجمها، فمن أكثر المسائل التي أثيرت حول هذا النظام هو عدم وجود معايير متبادلة أو مشتركة للتشغيل من خلاله ، حيث تملك كل شركة نظام تصنيع خاص بها ، مما يعني أن الأضواء المتصلة لا يمكن أن تتواصل مع قفل الباب الإلكتروني في معظم الأحيان، وربما لا يتمكن عداد الكهرباء الذكي من الخاطر مع أجهزة التدفئة المتصلة مع بعضها البعض، والسبب المحتمل أن كل من هذه الأجهزة تم تصنيعه وفق نظام يختلف عن الآخر.
يقول يون: "لم يعد إنترنت الأشياء وهماً بعد الآن، فقد أصبح حقيقة موجودة حولنا ، هنالك الكثير من الأجهزة المتوفرة حالياً، وهي جاهزة للاتصال بنظام إنترنت الأشياء،" ثم أردف: "ثمة عدد هائل من الفرص والمميزات التي توفرها هذه التقنية، لكن التحديات أيضاً كبيرة، نحتاج إلى نظام مفتوح وإلى تضافر الجهود والتعاون بين مختلف الصناعات، ليس فقط التكنولوجيا."
ويضيف يون : " تكمن الفكرة وراء إنترنت الأشياء في خوض تجارب تبدل حياتنا للأفضل، والمطورون هم الذين يأتون بالأفكار التي تبدل حياتنا، لذا فإن شركة سامسونج ملتزمة بمد يد العون لهم، وستقدم أكثر من 100 بليون دولار للمطورين عبر تمويل المشاريع الحديثة وهيئات دعم المشاريع الجديدة التي نعمل على نقلها إلى مختلف أنحاء العالم، ولكن يجب أن يتوفر الأمن في الأجهزة والبرامج على كافة المستويات" .
وتجدر الإشارة الى أن سامسونج قامت في أغسطس 2014 بشراء شركة ( ( Smart Things، وهي من كبرى شركات تكنولوجيا المعلومات في سيلكون فالي – كاليفورنيا متخصصة بتوصيل الأجهزة عبر نظام مفتوح ، ووفرت لها الدعم وذلك سعياً نحو جذب المطورين حتى تصبح اجهزة سامسونج قادرة على الإتصال مع مختلف الأنظمة من خلال انترنت الأشياء .
لكن يون لم يخفِ تحفظاته، إذ حثَّ الجميع على توخي الحيطة والحذر حيال الأجهزة الجديدة عندما قال: "يجب أن يكون إنترنت الأشياء آمناً – ينبغي أن يتوفر الأمن في الأجهزة والبرامج على كافة المستويات. يجب أن تسير كافة الأعمال في صناعتنا في نسق واحد لتحقيق هذا الهدف."
من المتوقع أن يؤدي نظام إنترنت الأشياء إلى أتمتة الكثير من الأشياء بناء على فهم معين للبيئة، سواء أكانت موقعاً، أو فترة زمنية خلال اليوم لتلبية احتياجات أي مستخدم ، بيد أن ذلك يبعث على الريبة والقلق حول خصوصية البيانات كما أشار ( يون ) في معرض حديثه عن الأعمال والمشاريع التجارية التي ستحظى بفرص أكبر لبيع خدمات وبضائع عبر أي مستخدم ولكن ستكون أيضاً معرضة لعمليات وهمية مخترقين للشبكة دون وجود امكانية لتعقبهم او لمنعهم ، ومع ذلك يبدو أن تقنية إنترنت الأشياء أمر لا مناص منه بشكل أو بآخر، سواء أكان المستخدمون يريدون ذلك أم لا.
ماذا يعني إنترنت الأشياء؟
إن المقصود بالشيء في هذا الإنترنت يمكن أن يكون شخصاً قد زرع له جهاز لمراقبة نبضات القلب ، او سيارة مثبت فيها أجهزة إستشعار لتحذير السائق عندما ينخفض ضغط الهواء في الإطارات أو أي شيء طبيعي آخر أو من صنع الإنسان يمكن أن يحدد له عنوان IP أي (بروتوكول إنترنت) ليتمكن من نقل البيانات عبر أي شبكة، ولكن حتى الآن ما يزال نظام إنترنت الأشياء مقترناً إلى حد كبير بخدمات الاتصال ثنائي الاتجاه من جهاز ذكي الى جهاز ذكي آخر M2Mوالمستخدمة حالياً بكثرة في الصناعة وفي مرافق الطاقة والغاز . وتجدر الإشارة الى أن المنتجات المجهزة بميزات الاتصال ثنائي الاتجاه غالباً ما يُشار إليها على أنها ذكية.
إن الزيادة الهائلة في مساحة العنوان الخاصة بـ IPv6 (الإصدار 6 من بروتوكول الإنترنت) تعتبر عاملاً هاماً في تطوير نظام إنترنت الأشياء، ووفقاً لما ذكره ستيف ليبسون، الذي يقدم نفسه على أنه "محاضر متطوع في متحف تاريخ الحاسوب" فإن توسع مساحة العنوان تعني أنه بوسعنا تحديد عنوان IPV6 الإنترنت لكل ذرة على سطح المعمورة، وما يزال لدينا قدر كافٍ من العناوين لفعل ذلك في" 100+ أرض"، بمعنى آخر، يسهل على الناس تحديد عنوان IP لكل "شيء" في الكوكب، لذا من المتوقع ارتفاع عدد التقاطعات الذكية (سمارت نود) وحجم البيانات المتدفقة التي تنشأ عن طريق التقاطعات، مما يبعث على مخاوف جديدة حيال خصوصية البيانات والسيادة والأمن.
على الرغم من أن نظام إنترنت الأشياء لم يأخذ هذا الاسم حتى عام 1999، لكنه مر بعدة مراحل من التطور لعشرات السنين، فأول جهاز إنترنت على سبيل المثال كان عبارة عن آلة فحم في جامعة كارنيج ميلون أوائل الثمانينيات من القرن التاسع عشر، حيث تمكن المبرمجون من توصيل الآلة عبر الإنترنت، وفحص حالتها والتأكد فيما إن كان هنالك شراب بارد بانتظارهم من عدمه فيما لو قرروا النزول إلى الآلة.
ويعد كيفين آشتون، مؤسسة ورئيس مركز Auto-ID في شركة MIT أول من تطرق إلى مفهوم إنترنت الأشياء في عرض قدمه لــ بروكتر آند جامبل.
إليكم كيف يشرح كيفين آشتون " إنترنت الأشياء " :
"تعتمد حواسيب اليوم – وبالتالي الإنترنت – بشكل شبه كلي تقريباً على الإنسان في الحصول على المعلومات، فقرابة الـ 50 بيتابايت (إذا ما علمنا أن واحد بيتا بايت يعادل 1.024 تيرابايت) من البيانات المتوفرة على شبكة الإنترنيت أُخذت من الإنسان وأُنشئت من خلاله عبر وسائل الطباعة أو ضغط مفتاح التسجيل أو التقاط صورة رقمية أو مسح رمز شريطي.
تكمن المشكلة في أن الناس بشكل عام ليس لديهم الوقت ولا القدرة على الانتباه والتركيز بدقة على ما يدور حولهم في هذه الحياة أو على سطح الكرة الأرضية – مما يعني أنهم غير مؤهلين إلى تلقُّف المعلومات عن الأشياء الموجودة حولهم في العالم الحقيقي ، لذلك فإن وجود أنظمة وشبكات انترنت عملاقة يمكنها جمع بيانات من خلال الحواسيب عن كل شيء يتعلق بالأشياء من حولنا وقادرة على باستخدام هذه البيانات التي تجمعها دون مساعدة منا – لأمكن لنا تعقب وإحصاء كل شيء والتقليل إلى حد كبير من الخسائر والتكاليف وتحسين حياة البشر على مختلف المستويات ، وهذا مايمكن أن يقدمه انترنت الأشياء في المستقبل القريب.