المبالغة بنظافة الأطفال
تظهر إحدى الدراسات الحديثة أن نسبة الإصابة بالحساسية والربو تقل لدى الأشخاص الذين تعرضوا في طفولتهم للبكتيريا والمواد المثيرة للحساسية.
وقد أصبح شائعاً المبالغة في نظافة البيئة التي يعيش فيها الأطفال، حيث تمضي الأم ساعات في فرك الأرضيات وتعقيم الألعاب ومسح الأسطح. وتصر على أن يغسل أطفالها أيديهم عشرات المرات يوميأ.
لقد أظهرت نتائج دراسة حديثة أن المبالغة في النظافة هو بحد ذاته تصرف خاطئ، وأن التعرض للبكتيريا والمواد المسببة للحساسية ربما يرتبط بإصابات أقل بأمراض الحساسية والربو لاحقاً.
لقد فحصت الدراسة، والتي نشرت في إحدى المجلات المهتمة بموضوع الحساسية والمناعة، نحو 467 طفلاً من عمر الولادة ولغاية ثلاث سنوات. وتم فحص المشاركين فيما يتعلق بالحساسية كل عام، كما تم فحص منازلهم من ناحية البكتيريا والمواد المثيرة للحساسية.
فوجئ الباحثون بالنتائج. إن الأطفال الذين تعرضوا لقشرة رأس الفئران والقطط وكذلك لمخلفات الصراصير قبل أن يتموا عامهم الأول، كانت نسبة إصابتهم بالحساسية والصفير عند التنفس عند بلوغهم عامهم الثالث، أقل من الأطفال الذين لم يتعرضوا لتلك المواد، بل إن الأطفال الذين لم يتعرضوا لهذه المواد زاد احتمال إصابتهم بالحساسية والصفير عند التنفس ثلاث مرات. كما ارتبط التعرض للبكتيريا بمعدلات أقل من الإصابة بالحساسية. ولكن النتائج كانت مختلفة في حال تم التعرض لهذه المواد بعد مرور العام الأول.
يبين روبرت وود ـ أحد المشرفين على الدراسة ورئيس قسم الحساسية والمناعة في مركز جونز هوبكنز للأطفال ـ أن الباحثين لا يشجعون بذلك على وجود القوارض والصراصير في المنزل، إلا أن هذه النتائج والبيانات تؤكد أنه قد لا يكون من المستحسن المبالغة بالنظافة.
لقد تضمنت الدراسة بعض التلميحات المفيدة بخصوص نظرتنا للبيئة حول عائلاتنا، لأن الكثير من تطور نظام المناعة الذي يؤدي بالمرء للإصابة بالحساسية والربو، قد يعزى إلى بداية العمر.
ترى آمي شاه ـ الأخصائية بالربو وأمراض الحساسية والمناعة ـ أن هذه الدراسة تبين أن أحد أسباب ارتفاع نسبة أمراض الحساسية والربو والحساسية للأطعمة هو البيئة المعقمة التي تحيط بنا.
والفرضية الصحية تقول أساساً أن البيئة المبالغ بنظافتها تنشر الحساسية بما في ذلك حساسية الأطعمة والربو، وذلك بسبب عدم التعرض في سن مبكرة لمختلف أنواع البكتيريا والمواد المثيرة للحساسية، ففي البلدان الغربية يزداد إلى الضعف معدل الإصابة بالربو والحساسية والأكزيما، فالربو يصيب حوالي 40% من السكان في مناطق نيوزيلندة، استراليا والولايات المتحدة. وعلى العكس من ذلك تنخفض نسبة الإصابة بأمراض الحساسية في بلدان العالم الثالث، وتبين شاه أن إحدى الدراسات السابقة وجدت أن الصغار الذين يترعرعون في المزارع تقل نسبة إصابتهم بأمراض الحساسية والربو.
على الرغم من أن الباحثين ما زالوا يعملون على ترجمة هذه النتائج إلى أفكار عملية للأهل، فقد قدمت شاه هذه المقترحات والتي تتحدى الأفكار التقليدية فيما يتعلق بطريقة تنشئة الصغار:
- دع طفلك يتسخ.
- لا تبالغ في تعقيم أيدي الصغار.
- ابتعد عن البخاخ والصابون المضادين للميكروبات. يمكن تنظيف معظم الجروح والخدوش بمسحها بالكحول، ولا تحتاج أجسام الصغار إلا لمجرد الصابون والماء.
- كن حكيماً حول استخدام المضادات الحيوية. لا تحتاج معظم التهابات الأذن والحلق والزكام إلى المضادات الحيوية، لذلك تعاون مع طبيب الأطفال للانتظار مدة 7 ـ 10 أيام على الأقل.
- لا تخف من مشاركة الطعام والشراب مع طفلك، ففي الواقع يكون لعاب الأهل مفيداً للأطفال الصغار.
ربما ستخفف هذه الدراسة من مخاوف الأهل حول اتساخ أطفالهم أو تعرضهم للبكتيريا، وقد يعني ذلك على الأقل إحساساً أقل بالذنب إذا لم يتح لك الوقت لتنظيف الحمام فوراً.