المدافن العمودية هي المقابر في المستقبل
يقدر عدد الموتى الذين دفنوا في الأرض بحوالي (101) مليار شخص حسب آخر الإحصاءات ، ومن المتوقع أن ينضم اليهم 7 مليارات شخص في السنوات القليلة القادمة ، وهذا بحد ذاته يعتبر مشكلة تتعلق بالمساحات المطلوبة لدفن هذا العدد الكبير من الموتى ، فما الحل؟
تقوم الجهات المسؤولة في براغ عاصمة التشيك بإضافة طبقة حديثة من التربة فوق القبور القديمة لإيجاد مزيد من المساحة بعد أن نفدت الأماكن في المقبرة القديمة، وعندما تم آخر دفن هناك عام 1787م كانت الطبقات قد وصلت إلى (12) طبقة من القبور مكدسة فوق بعضها البعض.
أما في النرويج فيتم إعادة فتح القبور القديمة كل (20) عاماً حيث تعتبر السلطات أن هذه الفترة كافية لتحلل الجسم. كما يتم في بعض المدافن حقن الأكفان بمحلول الحجر الكلسي للإسراع بعملية التحلل، ولا يقتصر موضوع نفاد الأماكن للدفن على النرويج فقط بل في انكلترا أيضاً. وتبين إحدى الدراسات أنه إذا استمرت المدافن حتى عام 2020م بالشكل المتبع حالياً فإن العالم سيكون بحاجة إلى 6500كم2 من أجل مقبرة واحدة، وهذه المساحة تعادل 5 مرات مساحة مدينة نيويورك.
تتوجه أنظار العديد من الدول إلى السماء بدلاً من الأرض لحل هذه المشكلة، وتعتبر قارة آسيا الرائدة في التوجه للمدافن العمودية، ففي الكثير من البلدان الآسيوية هناك ميل لدفن الموتى في معبد متعدد الأدوار(باغودة pagoda)، وقد يكون ذلك السبب الكامن وراء تصميم المقبرة المرتفعة الشبيهة بالباغودة في مدينة تانيان/تايوان وتدعى هذه المقبرة (لونغ ين).
أما في هونغ كونغ فتبنى المقابر على منحدرات مرتفعة لتوفير مساحة كافية، وقد افتتح أحد رجال الأعمال في اليابان فندقاً للموتى حيث يمكن لعائلة المتوفى إبقاءه هناك إلى أن يحين دورهم في محرقة المدينة.
إن المثال الحقيقي للمقبرة العمودية هو مقبرة نيكروبول ايكومنيكا بمدينة سانتوس في البرازيل، فهذه المقبرة تضم (32) طابقاً وبمساحة تتسع لدفن (25000) شخص، وقد كانت عبارة عن بناء صغير عندما تم بناؤها في عام 1983م، إلا أن الطلب على "قبور مع إطلالة" تزايد كثيراً إلى حد أنه تمت إضافة عدة طوابق مما جعلها اكبر المقابر العمودية في العالم ، حيث يتسع كل طابق لـ 150 قبراً مجهزاً بنظام تهوية ويمكن أن يتسع كل منها لستة أجساد، وبعد أن يتحلل الجسد خلال ثلاثة أعوام يمكن لعائلة المتوفى إخراجه من القبر أو نقل رفاته إلى مستودع للعظام ، ويشتمل البناء على حديقة، وغابة وبحيرة ضحلة وشلال، كما يوجد غرف للسهر بجانب الميت قبل دفنه، وسراديب وأضرحة فخمة وكنيسة صغيرة ومطعم للوجبات الخفيفة على السطح.
وتقوم مدينة مومباي في الهند ببناء مدفن عمودي يدعى (برج موكشا) وسيصبح أعلى مقبرة في العالم، حيث سينافس مقبرة نيكروبول ايكومنيكا في البرازيل وسيكون فيه تجهيزات للحرق وللدفن، كما أن فيه برجاً للصمت من أجل طائفة البارسيين.
على الرغم من أن المدافن العمودية توفر مساحة إضافية كبيرة إلا أن مصمم البرج يرى أن أجساد الموتى يمكن أن تبقى لمدة تتراوح ما بين خمس إلى عشر سنوات فقط، إذ أن الكثافة السكانية في مدينة مومباي لا تترك الكثير من المساحة للأحياء فما بالك بالموتى.